Powered By Blogger

السبت، 24 أغسطس 2013

من قواعد البغض عند بعض المسلمين

مقالي المنشور بمجلة فضاء الفكر
20 أغسطس 2013 


من قواعد البغض عند بعض المسلمين 

  ينشأ المرء منا في بلادنا عمان، وربما في غير عمان، في بيئة متعايشة، لا تفرقها الأفكار، ولا تعكر صفوها الأكدار، بيئة لها يد واحدة تعمل على ما اتفقت عليه، ويعذر بعضها البعض فيما اختلفت فيه، رغم اختلاف المذاهب، وتنوع المشارب، إلا أن الجميع يحبون بعضهم بعضا، يلقى الأخ أخاه بوجه بشوش، ونفس مرحة، وروح لطيفة. لكن العجب العجاب أن بعضا من هؤلاء المجتمع، حينما يكبر ويقرأ عن مذهبه يجد ما ينفره من أخيه،  ولو كان شيئا قليلا، ففي الكتب المذهبية -للأسف-  قواعد بغض كتبها بعض المسلمين، من شأنها أن تفرق بين الجماعة، قواعد بغض ما أنزل الله بها من سلطان، فمثلا تجد في الكتب : احذر من فلان فإن مذهبه كذا، وأهل مذهبه يسبونا فلانا، ولا تقرأ لكتبهم وابتعد عنها، وتبرأ منهم لفعلهم كذا ... حينها يتغير المرء عن ما كان عليه، ولربما أحبَّ أنه لو لم يقرأ على هذا الكلام، الذي يجعل حبيبه شانئا له، اتهام وزور وقمع فكري بعدم القراءة، بل والبراءة منهم لأجل ماذا؟ لأجل أمور اجتهادية لا تتصل بالأمور الكلية قوةً. فالأولى أن نترك هذه النقاط، نترك نقاط الاختلاف، ولنبحث عن نقاط الائتلاف، نرتقي بما اتفقنا عليه، فالصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريضة) فمنهم من صلاها في الطريق، وفهم أن النبي عليه السلام كان يقصد الإسراع والجد في السير إلى بني قريضة، بينما الفريق الآخر لم يصل العصر إلا في بني قريضة ولو وصل بعد العشاء، وحين انتهوا من مهمتهم ناقشوا الأمر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأقر النبي عليه وسلم الجميع؛ لأنهم تعاونوا فيما ذهبوا إليه وهو هدفهم الرئيسي، الجد في السير، فلو لم يصلوا بجدية وتنازعوا في أمر الصلاة لعاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن إذا جئنا إلى القرآن الكريم نجد أن هذه القاعدة لا محل لها من كتاب الله، فحبي وبغضي لأخي لا ينحصر في أنه يوافقني أو يخالفني، إنما ينحصر في العمل الصالح، فما دام يعمل صالحا فواجب أن أحبه، وإذا كان خلاف ذلك فواجب أن أنصحه وإلا أبغضه في الله وبراءتي منه، فالله جعل أساس دخول الجنة هو العمل الصالح، وليس بسبب مذهبه، فقال الله تعالى: ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الزخرف|72  وقال جل شأنه : ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُأُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ   ( الأعراف|43 ولم يقل : بما كنتم تعتقدون أو تتمذهبون بمذهب ديني أو فكري، فالأساس هو العمل الصالح، ما دام المرء يعمل صالحا، فلا يهمني أمر مذهبه أو فكره، هذا الأساس هو الذي يجمعنا ويلملم شتاتنا ويوحد رايتنا، وبه نقود البشرية جمعاء إلى بر الأمان، والخير والاطمئنان . 

إسماعيل بن سعيد المحاربي
http://www.thought-space.3abber.com/post/179250