Powered By Blogger

الخميس، 26 ديسمبر 2013

قراءة في كتاب معالم السيرة النبوية «1»


قراءة في كتاب معالم السيرة النبوية «1»
جريدة عمان
د. محمد عبدالرحيم الزيني – أستاذ الفلسفة الإسلامية -
صدر منذ فترة قليلة كتاب (معالم السيرة النبوية) تأليف سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي في طبعة راقية وتجليد فاخر، عن دار الضامري للنشر بمسقط، ويتناول محطات سريعة، من التأريخ القديم تضرب في أعماق التأريخ بداية من أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، إلى سيد الأنبياء محمد ـ صلى الله عليه وسلم، ويقف وقفات طويلة أمام حياة الرسول ومبعثه وبعض غزواته.
والكتاب عبارة عن جملة من البحوث والمحاضرات، واللقاءات الصحفية، كتبت في مناسبات مختلفة وأوقات متباعدة. يجمعها وحدة الموضوع ودورانها حول سيرة الرسول الكريم.
ولا شك أن الموضوع ليس جديدا، فكافة المسلمين في أقطار الأرض يحتفلون بالمناسبات الدينية وأعظمها ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهجرته من مكة المكرمة بعد أن نبا به المضجع إلى المدينة أرض الرجاء والأمل، ورحلته المعجزة أي الإسراء والمعراج، وقد يتبادر للقارئ المتسرع أن هذه قضية قتلت بحثا ودراسة وتمحيصا، ولكن المفاجئة الرائعة أن المؤلف حينما أطلق على كتابه (رؤية تحليلية ونظرة تصحيحية)، كان صادقا مع نفسه أولا، ومع القارئ ثانيا، وأنه بنظراته الثاقبة وتحليلاته العميقة ومنهجه المحكم واستيعابه للتأريخ الإسلامي بعامة والتأريخ العماني بخاصة، قدم لنا أفكارا جديدة ورؤى مغايرة لما قرأناه سابقا عند بعض المفكرين الكبار والكتاب الجهابذة، أمثال، الدكتور محمد حسين هيكل (ت 1956 ) في (حياة محمد)، والعقاد (1963) في عبقرية محمد، والشيخ محمد أبو زهرة (1974) في خاتم النبيين والشيخ محمد الغزالي (1996) في فقه السيرة، والشيخ محمد سعيد البوطي (قتل 2011 ) في فقه السيرة.
ونحن بصدد عرض مجمل لموضوعات الكتاب، ثم نتوقف نناقش الؤلف في بعض القضايا التي طرحها ونتحاور معه أحيانا، ونشاغبه أحيانا أخرى.

أولا: محاور الكتاب

يتكون الكتاب من مقدمة، وثلاثة عشر موضوعا، وهي مضمون الكتاب، تتناول السيرة النبوية بتفاصيلها الرئيسية منذ الإرهاصات الأولى، حتى غزوة تبوك، مرورا بالميلاد والبعثة والهجرة، وهذه ضمت إحدى عشرة مقالة أما الثاني عشر فكان بحثا مستقلا يدور حول جوانب الرحمة في حياة رسولنا، والثالث عشر مجموعة كلمات دينية قيلت في مناسبات دينية.
1 ـ استهل الشيخ السيابي كتابه بالحديث عن العرب العاربة وهم العرب الخلص، والعرب المستعربة، وهم غير العرب الذين امتزجوا في نسيج العرب وتعلموا لغتهم. ويقسم العرب إلى عرب بائدة، وقد اندثروا في الزمن القديم وعرب باقية وكلهم ينتسبون إلى إسماعيل جد العرب وينقسمون إلى قحطانية وقد سكنوا اليمن السعيد، وعدنانية قطنوا الحجاز، أما عُمان فقد ضمت قبائل من القحطانية والعدنانية.
ثم يتوقف للحديث عن أبي الأنبياء ويشير إلى ولادته في بابل بالعراق، ورفضه عبادة الأصنام، وجداله مع قومه وإلقائه في النار ثم أنقذه اللطف الإلهي، وارتحاله إلى حران في بلاد الشام وزواجه من سارة، ثم تكررت القصة ثانية مع عبدة الكواكب وجداله معهم، ولما لم يجد منهم استجابة لعبادة الله وتجافيا عن تعاليمه، رحل إلى فلسطين وأقام فيه عشر سنوات، إلا أن البلاد أصابها قحط شديد، فولى وجهه إلى مصر، وهناك وقعت القصة المعروفة مع فرعون مصر الذي طمع في الزواج من سارة، ولما تكشفت الحقيقة لفرعون، وهبه الكثير من العطايا والهدايا الثمينة، وأهدى سارة جارية قبطية هي (هاجر).
أما قصة إسماعيل عليه السلام، فبعد أن استقر إبراهيم عليه السلام في فلسطين، وأدركت سارة استحالة الإنجاب وهبت هاجر له فدخل بها فحملت، ولكن تقلبات النفس الإنسانية وأغوارها عجيبة، إذ تفجرت غيرة سارة فعكفت على إيذاء هاجر التي لم تتحمل هذا الجفاء والإيذاء فخرجت هاربة هائمة على وجهها، ولكن الملاك خاطبها أن تعود وبشرها أنها ستلد مولودا ذكرا، وعادت وولدت ابنها إسماعيل عليه السلام، إلا أن سارة طار عقلها، ولم تعد تتحمل وجودها فأمرت إبراهيم أن يطردها، ثم تشاء العناية الإلهية أن تحمل سارة وتضع مولودها إسحاق، إلا أن سارة مضت في طريقها وأصرت على طرد الجارية وابنها، فقام إبراهيم عليه السلام بطردها بعد أن زودها بالطعام والماء، وهامت على وجهها في الصحراء حتى نفد الماء، وأخذ وليدها يبكي، فناداها الملاك وأرشدها إلى بئر ماء، وعاشت في هذا المكان حتى كبر إسماعيل عليه السلام، فاتخذت ؟؟أمه؟؟ له زوجة مصرية.
هذه هي الرواية التي تناقلها المؤرخون المسلمون نقلا عن التوراة مع بعض التعديلات كي يوائموا بين ما ورد فيها وما ساقه القرآن، ورصدها شيخنا ؟؟ببعرها وبجرها؟؟ مع عدم تسليمه بوقائعها.
على أنه توقف عند ذلك وعرض القصة ثانية من وجهة نظره، ومن منظوره الخاص، إذ ذهب إلى أن إبراهيم عليه السلام بعد أن أقام في قومه ودعاهم لعبادة الله الواحد، ثم آذوه ورفضوا الانصياع لأوامره وتوجيهاته، هاجر إلى مكة بأمر من الله وهي هجرته الأولى، ويطرح احتمالين، إما أن يكون قد تزوج هاجر من قومه وهاجر بها إلى مكة، أو يكون تزوجها من عرب الحجاز الذين كانوا يعيشون حول الحرم، وقد عاش فيها فترة طويلة أنجب فيها إسماعيل عليه السلام، ووقعت له الأحداث التي أشار إليها القرآن، وهي الرؤية والذبح والفداء وبناء الكعبة، ثم تزوج إسماعيل وأنجب نسلا صاروا ذرية إبراهيم. ويؤيد وجهة نظره بما ورد في سورة (الصافات الآية 83 ــ 113).
أما الهجرة الثانية، فبعد أن اطمأن إبراهيم عليه السلام، على ابنه إسماعيل وذريته، الذي اشتد عوده وتحمل مسؤولية الرسالة إذ صار نبيا رسولا، عاد أدراجه إلى قومه فوجدهم عاكفين على عبادة الأصنام فظل يعظهم ويجادلهم لعلهم يرعوون ويؤمنون بالإله الواحد، إلا أنهم أغلقوا عقولهم وهموا أن يحرقوه ثانية، فلم يجد بدا من الهجرة ثانية ومعه لوط إلى الأرض المباركة ولعلها بلاد الشام، حيث بشره الله بإسحاق ومن بعده يعقوب. وعول في ذلك على الآيات الواردة في سورة (الأنبياء 51 ـ72).
على أنه يرفض أن تكون هاجر أمة مصرية أهدتها سارة لزوجها إبراهيم عليه السلام، لأن هذه القصة تفوح منها رائحة العنصرية، والقصد منها الاستنقاص من العرب. وقد تكاثر نسل إسماعيل عليه السلام وتفرقوا في جزيرة العرب ومنهم القحطانية والعدنانية وهما أبا العرب العاربة، وقبل أن يختم هذا الفصل يجيب عن سؤال، لماذا تقدم ذكر إسحاق على إسماعيل في القرآن المكي، وتقدم إسماعيل عليه السلام عليه في المدني؟، وأجاب: لما كانت العرب ولا سيما قريش تعتد اعتدادا مبالغا فيه بنسبها لإسماعيل عليه السلام، فأراد القرآن أن يخفف من هذا الغلو ويكبح جماح هذه النزعة العنصرية. أما وانتقل العرب إلى المدينة وكان اليهود معتدين بالانتساب لإسحاق إلى حد الاستعلاء العنصري، والادعاء أنهم أبناء الله وشعبه المختار، فأراد الله أن يتحداهم ويبين لهم أنهم ليسوا بأفضل نسبا من العرب، إذ أن الكل تعود جذوره إلى إبراهيم أبي الأنبياء. (ص 13 ـ 28).

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

لماذا تنازلتُ عن سِمنتي؟!

مذكراتي
..
.
لماذا تنازلتُ عن سُمنتي؟!
إسماعيل المحاربي
روابط التحميل في الأسفل:


مُذكرات
//..
















إهداء 

إلى أبي الغالي - حفظه الله-
الذي لا يزال يردد : كفاك يا بني .. لا تهلك نفسك بهذا الريجيم !!!!

إلى أمي الحنونة - رعاها الله –
التي وقفت بجانبي وساعدتني
إلى أخي الحبيب يوسف الذي طالما نصحني
والأخوين حارب ويحيى اللذين وقفا معي في التمارين الرياضية
وأخي سلطان 
إلى كل من ساعدني وشجعني ومد لي يد العون
وتفضل عليّ بمعلوماته الجميلة
إليكم جميعًا
أهدئ هذه المذكرات
هدية متواضعة وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ
محبكم : سمين سابقا
* لماذا الحرب ضد السمنة؟
إن الإرهاب الحقيقي الآن هو إرهاب السمنة كما يقول جون هيوز ، التي تفتك بالبشر، ودائما ما نردد (الذي يزيد عن حده ينقلب ضده)، فما فائدة أن نحمل كيلو غرامات نحنُ في غنى عنها؟! 

السمنة مرض، بل داء عضال، هي التي تؤدي إلى وفاة 300 ألف سنويا وفاةً مبكرة كما تشير بعض التقارير، ولا زالت الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها تنفق الكثير لمحاربة السمنة .

السكري، ارتفاع الكليسترول والضغط، تصلب الشرايين، آلالام المفاصل، الأكياس الدهنية، ضيق النفس،...الخ أليس هذا أغلبه بسبب السمنة ؟! نعم بعضها قد لا تأتي بسبب السمنة لكن الأغلب منها بسببها . 

فلذلك لا بد من أن نعد العدة، ونعلن الحرب ضدها.

فَمُوتُوا كِرَامًا أَوْ أَمِيتُوا عَدُوَّكُم 
وَدِبُّوا لِنَارِ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ


*سُمنة لكن.. 

لا أدري ما العلاقة بين السمنة والمرح؟ فتجد أن أغلب البدناء مرحون لطيفون مبتسمون؟ والبدين دائما ما يرى نفسه أنه لطيف وودود، كما يقول الشاعر السمين بشار بن برد عن نفسه وكان ضخم البنية : 
 في حلتي جسمُ فتى ناحل *** لو هبت الريح به لطاحا 

وفي بيت آخر يقول لمحبوبته : 
إن في بردي جسما ناحلا *** لو توكأتِ عليه لانهدمْ 
الله أكبر يا وزن الريشة ! 

قال لي أحد الأصدقاء الجميلين : بعدما خف وزنك فقدنا مرحك! ، وقال لي أخي ذات ليلة: افتقدنا مواقفك المضحكة وشغبك. 
ما سبق هي دوافع لرفع معنويات البدناء :
وإني وإن كنتُ السمين فإنني *** لأحمل روحا ما رأيت كلطفها 

بس خف علينا !!! قصدي خف جسمك . 
وكذلك فالسمين تترك له الفرصة للقعود في المقعد الأمامي في السيارة في حال الزحمة . 

* أهل السُمنة ... مضطهدون !
أولا : من قبل نفسه /

البدين مضطهد أولا من قبل نفسه، فهو يخجل كثيرا بسبب سمنته، قد يترك بعض المناسبات وينطوي في بعض الأحايين، بسبب جسمه الذي لا يتقبله، وللتعب الذي يجنيه بسبب تراكم الشحوم على جسمه، قد ينطوي لأن بعض المناسبات قد يكون فيها زحمة شديدة فلا يرتاح في جلسته، مضطهد لأن النفس يضيق عليه كثيرا في الكلام .

بعدما ودّعتُ السمنة فاجأني أحد الإخوة، وذكرني بشيء لم أكن أذكره، قال لي: يا إسماعيل الآن أحسك أفضل في الكلام، في السابق حينما كنا نتحدث معك نشفق عليك من كثرة تنفسك !!! لم أصدقه بداية إلا بعدما رأيت نفسي في فيديو منذ فترة قمت بتسجيله. 

البدين مضطهد من قبل نفسه أحيانا؛ بسبب نزول عرقه الكثير مما يثير بعض الروائح، التي ينفر منها الناس، فلذلك لا يختلط كثيرا بالناس.
كنتُ أعاني كثيرا من الحكة بين الرجلين بسبب الشحوم المتراكمة، ولله الحمد منذ أن بدأت بالبرنامج وإلى الآن لم تعد لي تلك الحكة المزعجة التي كانت تعذبني وتسهرني !!! 

ثانيا: من قبل مجتمعه /

إن للكلمة التي يطلقها الناس ضد البدناء التي لا يحسبون لها حسابا، عميقَ الأثر السلبي ضد البدين، جرح عميق في نفسه، فأي خطأ صادر منه قد يجد من السخرية به ما يجد، كذلك الذي يعبر الشارع ولجسمه الثقيل تأخر قليلا، فإذا بسائق السيارة يحرجه أمام الناس بقوله : يا الدب !!! وهذا قليل، ولقد كنا نتسامر خارج المسجد في جلسة نقاش قال لي أحدهم: لا تزعل مني، كيف تتعامل مع نفسك في دورات المياه !!! لم أملك أن أقول حينها إلا : الحمد لله الذي لم يجعلني أجرح قلوب الناس وأمام الملأ.
كنتُ ذات يوم مع إخواني في زيارة لأحد الأقارب، وهناك نساء ، فإذا بشخص يقول لي : خفف وزنك فإنه لا ترغب بك امرأة بهذا الجسم !!! ... (نوع خطير من قصف الجبهات) فإذا بأمه تنازعه ... فكظمت غيظي ... وربما هو خير لي، فرب ضارة نافعة .

اضطهاد فأغلب المقاعد في المقاهي لمتوسطي البنية، وخاصة في مقاهي الكرك التي كنت أخاف من القعود عليها، إلا أنني أتخيل نفسي ريشة في مهب الريح إلى أن أنتهي من الإفطار . 

كنتُ مرة مع أناس يمنعون ابنهم من أن يلبي شهيته ورغبته في الأكل خوفا منهم من أن يصبح سمينا، يرمقونه بتلك النظرات ليقوم ويغسل يديه، الحمد لله كنت حينها من غير صنف المغضوب عليهم فأكلت حتى شبعت ! 


وغيرها من الاضطهادات التي تمارس ضد السمين ، لكننا كنا نحاول أن نرد بعض الكلمات القاسية بلطف، مثلا : الكرش للخنجر، يعني الخنجر تحتاج لتظهر إلى بطن واسع، لكن المصيبة أن الخنجر لم تعد تتحملني لما زاد الوزن !!! 

وحينما كنت أدرس بمعهد العلوم الإسلامية، نقلني مشرف السكن إلى غرفة أخرى فانزعجوا مني بسبب شخيري، وإذا بهم يخبرون المعلم في إحدى الحصص ولم يخبروني أنا من قبل .. وقالوا بأنهم لا يستطيعون النوم من وقت بسبب شخيري !!! لا تعليق ... أظنهم لا يحبون سيمفونيتي أثناء النوم ... ربما . 



*أسباب الحمية:
اعتاد الناس أن يلزموا الحمية لأسباب أربعة :

- المرض : فيضطر المريض هذا حرصا على بقائه سليما في هذه الدنيا .
- الحاجة : كالاحتياج إلى وظيفة عسكرية أو أي وظيفة تشترط اللياقة البدنية .
- الرشاقة : كي يحصل على جسم رشيق متناسق .
- الحب: والصحيح أن الحب يفتح الشهية لكن الحمية تكون حين الاشتراط من المحبوب أو الهجر وهو قول فيه نظر .

ومهما يكن الهدف فإن الصحة أهم شيء . 




* لماذا التنازل عن السمنة؟ 
من الطبيعي أن يكره الإنسان المرض، لكن من غير الطبيعي أن لا يبتعد عنه ويزيله بشتى أنواع الأدوية، فلكل داء دواء إلا الموت، وإلا الحماقة، وبما أن السمنة من أكبر أنواع الأدواء فمن ثَمَّ تنازلتُ عنها وودعتها. 

حياتي ما قبل الحمية، كانت مجرد ذهاب للدراسة وللمسجد، وفي البيت على المذاكرة أو الانترنت والأكل فقط، لا حراك أبدا، حتى زاد اللحم والشحم. 


كنتُ نهما في الأكل، فلا أتحدث أثناء الأكل احتراما وتحية له، لدرجة أن أهلي ربما يتشاجرون في بعض الأحايين أثناء الأكل، وأنا غير مبالٍ بما يحدث، فهمّي أن أقضي على الأرز، لعل ذلك يخفف من حدة شجارهم !!! والنفس لا تشبع فكم ... 
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً للمرءِ قاتلةً *من حيثُ لَم يَدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ

*لا أشعر برجلي .. !!! 1/1/2013 م
قلت لأخي ذات مرة أني لا أشعر برجلي، فاستغرب من ذلك، نعم لم أشعر بالإحساس في رجلي اليمنى، وكثرت لدي الوساوس، فقمت بالمشي لعله يخفف من حدة ما أصابني، فلم يخف، ولم أنو الذهاب إلى المستشفى لا أدري لم؟ لعله خوفا ...

قررتُ الذهاب إلى المستشفى ...

*شرارة البداية وصفعة الطبيب: 
أجريت الفحوصات، وانتظرتها كثيرا فساعة من الانتظار كسنة، تقول لي الممرضة : اذهب للإفطار ثم عد إلينا، وهل نفسي تستصيغ الطعام آنذاك !!

عدتُ إليهم بعد وجبة حطمتها ببطء، لقتل الوقت ليس إلا، والحمد لله وجدت النتائج قد خرجت من المختبر، دخلت عند الطبيب ...
- هاه بشر كيف النتائج؟
- النتائج طيبة، كل شيء سليم عدا الارتفاع في الكليسترول غير الجيد   .
- آها... والعلاج يا سيدي .
- لا يوجد لدينا علاج سوى أنك تخفف بعض الجرامات من وزنك!!!!

هذه الكلمات بمثابة الصفعة لي، فابتسمت له وقلت له : شكرا. 

نفسي هدأ قليلا لأني عرفت سبب التورم وعدم الإحساس في قدمي ... خرجت من المستشفى ولا يزال صدى الصفعة على وجهي ... 

في بعض الأحيان ما ينفع إلا العين الحمراء !





*محاولات باءت بالفشل ثم أخرى ناجحة 19/2/2013 م:

ابتدأت بالحمية بنفسي فتارة ألتزم وتارة لا ... 
إلى أن نصحتني طبيبة بأن أجلس مع مستشارة تغذية.

فجلست معها وعلمتني الطرق والأساليب التي أتبعها - جزاها الله خيرا- .

وهذه نقطة مهمة عند بداية الحمية، أن ترتبط بأحد تستشيره وتزوره كل شهر بحيث تجتهد في الحمية، كما أنه لا بد من كتابة الهدف. 

عرفت حجم وزني وقياس طولي، وسجلتهما عندها وألزمتني بزيارتها بعد شهر لنعرف كم نقص وزني؟ وهل أنا جسمي قابل للنقصان بسرعة أم أنه بطيء في النقصان لاتباع نظام آخر. 



*المطلوب في الحمية: 

أخبرتني المستشارة بأنه عليّ أن أمتنع عن الأرز والخبز الأبيض، ولكن هذا الامتناع يكون بالتدرج وليس من أول وهلة، والطريقة هي الإكثار من السلطة قبل نصف ساعة من الأكل، بحيث لا آكل أرزا كثيرا، هذا بالنسبة لوجبة الظهر، أما الإفطار فإن كنت أفطر بخبزتين مع الجبن أقللها إلى خبزة وكوب شاي، ولا بد من وجبات صغيرة ين كل وجبة ووجبة لأن الجوع مشكلة في الحمية. 

ونصحتني بالابتعاد عن الزيتيات، كل ما يقلى بزيت، وأن أستخدم زيت الزيتون لفائدته في طرد الكليسترول الضار، ونصحتني بشراء الخبز الأسمر وأكل كل شيء مشويا ، كالسمك أو صدر الدجاج، كما نصحتني بالإكثار من الماء والخضروات وبعض الفواكه .

ونصحتني بالمشي السريع يوميا ولو نصف ساعة بداية ثم ساعة ثم مشي مع ركض وهكذا... وأن أبتعد عن الأعشاب والحبوب فقد يكون لها أثر جانبي .

كما أن لدي في هاتفي أرقام بعض الأشخاص، أستشيرهم في بعض المأكولات فكانوا لي خير المعين .
ثم بعد فترة قطعت الأرز نهائيا والخبز الأبيض كذلك والشاي والألبان، واعتمدت على الخبز الأسمر المفيد، والشاي الأخضر والخيار، والجريب فروت، والكمون والزنجبيل والقرفة، فهذه كلها تخلصك من الدهون . 
















*سر الاستمرار :
بدأت بالبرنامج، وأخي يمشي معي لكنه انقطع عني وواصلت بنفسي، ثم ارتبطت بأخي الذي علمني بعض التمارين الرياضية وبدأت معه الركض والمشي في الودي، كان يشجعني كثيرا، فعلى سبيل المثال يردد مشجعا لي:

زايل الهم زايل *** يا وحوش الجزيرةْ

ثم بحسب ظروفه العملية لم أتواصل معه، فواصلت بنفسي .



لا أخفيكم سرا في البداية كنتُ غير متفائل، وأنا أركض أقول في نفسي : (هل معقولة وزني ينقص؟ لمَ أتعب نفسي؟ ! ) 

إنها النفس وكرهها للرياضة والامتناع عن الوجبات الكبيرة، ثم انتهى الشهر الأول من الحمية وذهبت لأعرف وزني، ووجدته قد انخفض بمقدار سبعة من الكيلوات، وفرحت فرحا شديدا، وهذا السر الذي جعلني أواصل .

سبعة كيلو في شهر !!!!!!
المهم أن لا نستعجل النتائج

إنجاز عظيم لمَ لا أواصل؟ فواصلت لكي أصبح خفيفا وأطير!


  


*معاناة الحمية :

إن الامتناع عن بعض الوجبات لشيء عظيم، والرياضة المتعبة أعظم من ذلك ...

تتنازل عن الأكل فداء للصحة ..

حتى في الحفلات كنت أشترط أن يضيفوا صحنا خاصا لي فيه سلطة... 
لكن هذه الحمية حببتني إلى الرياضة فبعد انقطاع وانفصال صار حب واتصال ... وهذا شيء جميل أن تتعهد الرياضة ..
17/12/2013م
تقريبا خلال 10 أو 11 أشهر أنقصت من وزني 60 كيلو ... وأجريت الفحوصات والحمد لله النتائج سليمة . 

ولكن ينبغي أن لا تكون الحمية قاسية ،
فرب مخمصة شر من التخمِ 

*من فوائد الحمية:

من فوائد الحمية أنك تأكل ما يكفيك وتحرق بالرياضة ما أكلته وما تريد إنقاصه، والرياضة غنية عن التعريف بفوائدها...

من فوائد الحمية أنها تجعل عندك رصيدا من المعلومات المهمة الصحية والطبية ...
ومن فوائدها أن نومك يكون أفضل وأقصر، وأنك لا تشخر.

والحمية صحة لأن المعدة بيت الداء كما قيل قديما .


وفي الأثر : ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث للنفسه .






*ما بعد الحمية:

يتخوف الناس كثيرا بعد الحمية ن أن يرجع الوزن سريعا، ولكن طريقتي في هذا أنني آكل مقتصدا وأحرقه بالرياضة...

لو زاد مثلا ثلاثة كيلو ، أعود للحمية لأنقصها وهكذا يثبت الوزن ... 

إن الاقتصاد في الأكل والمشي يوميا ساعة، كفيل بأن يوفر لك الصحة والسمنة المفرطة، ولكننا حين تركنا هذا ابتلينا !!!

بل كفيل أن يتناسق جسمك وتنعم بسعادة واطمئنان . 






*ضريبة الحمية : 

هي أن أصدقاءك الذين لم ترهم منذ فترة لا يعرفونك، إذا التقيت بهم بعد مدة، فالشكل قد تغير بل حتى في مدة قصيرة، كنت في المركز الصحي وإذا بأحد الأشخاص من قريتي، يقول لي: لم أعرفك منذ البداية إلا حينما أتيت لتسلمَ عليّ ...

ومن المواقف المضحكة في المسجد أن اثنين من كبار السن يتجادلان فمنهم من يقول: هذا إسماعيل ، والآخر ينكر ويقول : ليس هو ... المهم أنني ابتسمت وقلت : أنا هو ...

وأحد الأشخاص كذلك يسأل أخي في صبيحة العيد يقول : من هذا الذي أمامك ؟ فقال له : أخي إسماعيل ... فاندهشتُ لأنه لم يعرفني ... 

وغيرها من المواقف، حتى أن بعضهم استسمح مني لأنه لم يعرفني لما رآني ...  . 

*نصيحة محب : 

كلوا ما تشاؤون لكن بقدر، وما رسوا الرياضة فإنها الخير والسعادة، وكونوا قدوة لغيركم في الخير فقد تأثر بي الكثيرون ولزموا الحمية، الحمد لله أنني ارتحت من أشياء مضرة وأضرار كالصداع، والحكة وضيق النفس، منذ أن بدأت الحمية ولا أمرض إلا قليلا مقارنة بالسابق وكله بسبب الرياضة .

أعتذر عن التقصير والخلل .



إسماعيل المحاربي
18/12/2013 م





رابط الكتيب 

:
صيغة الوورد 
http://www.4shared.com/file/K7jB5DFF/docx.html

صيغة pdf : 
http://www.4shared.com/office/1N_wIDUz/____.html

شكرا 

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

وقفة مع كتاب الاستبداد مظاهره ومواجهته (3)


وقفة مع كتاب الاستبداد مظاهره ومواجهته (3)

يواصل الدكتور: محمد عبدالرحيم الزيني أستاذ الفلسفة الإسلامية  عرضه لكتاب سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة (الاستبداد مظاهره ومواجهته) موضحا ما جاء في  القسم الثاني منه تحت عنوان (مواجهة الاستبداد)  يقول الزيني: يعرض شيخنا في لقطات سريعة إلى الثورات التي هبت في وجه ظلم الأمويين، ويوضح  أن الأمة لم تستكن لهذا الهوان والطغيان، ويستعرض عددا من الثورات التي واجهت حكمهم؛ ومنها ثورة الحسين سيد الشهداء (60هـ) وقد حزت رأسه، ولم تهدأ ثورات العلويين وأنصارهم، إذ كانوا يمثلون المبادئ المثالية في الإسلام، وفي عهد هشام ثار زيد بن علي (122هـ) في الكوفة، مؤسس المذهب الزيدي، ولم يكن حظه أفضل من أعمامه، فقتل شر قتلة؛ بل تروي الروايات أنه بعد أن دفن نبش قبره، وأخرجت جثته، وصلب جسده بالكوفة وأرسلت رأسه إلى دمشق فنصب علي بابها، وظل مصلوبا حتى مات هشام وولي الوليد بن يزيد فأمر بحرق جثته، وطورد ابنه يحيى بن زيد الذي فر على إثر مقتل والده حتى  وصل إلى خراسان  حتى قبض عليه ومثل بجثته، ولم يزل مصلوبا حتى ظهر أبو مسلم فأنزل جثته وصلى عليها.
وثورة عبد الله بن الزبير في مكة، وكذلك ثورة عبدالرحمن بن الأشعث لمواجهة ظلم الحجاج  وطغيانه وانضم إليه جمهرة من العلماء الورعين منهم ؛  سعيد بن جبير.
على أن  شيخنا يتوقف طويلا أمام ثورة عبدالله بن يحيى الكندي، طالب الحق وقائده المقدام أبي حمزة الشاري، ويخصها بمزيد من الشرح والإيضاح لأسباب أهمها ؛ أنها تنتمي إلى مدرسة الإباضية التي ناضلت وصبرت وثبتت أقدامها في أرض الإسلام، واقتدت بحكم  الخلافة الراشدة، وقدمت نموذجا حيا للفداء والحكم العادل، هذا أولا، وثانيا أنها تمكنت من هزيمة قوى الشر وجحافل الباطل، وثالثا، اختلاف آراء المؤرخين حولها ما بين منصف لها، وشأني عليها. ويستفيض في شرح أبعاد الثورة؛ نشأتها وأسبابها، ومسارها، منذ ظهورها في حضرموت واليمن، ودخولها أرض الحجاز، ثم تقدمها بجرأة الحق وصدق الاعتقاد، استطاعت أن تدخل مكة المكرمة، وخطبه المتوالية التي أعادت إلى الإسلام وجهه المشرق، ويحلل عناصرها ويستنبط منها موجز دعوته، وهي توحيد الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك خطب قائده  أبي حمزة  في المدينة المنورة حتى صارت خطبه، أيقونة للثوار تناقلتها الأجيال  لمضمونها الذي طرح مبادئ الإسلام النقي، وأعاد سيرة الخلفاء الراشدين إلى أرض الواقع، إلا أن الدولة الأموية لم تتوان في إرسال جيش  بقيادة عبد الملك بن عطية السعدي، وتقابل مع جيش الثوار بقيادة أبي حمزة ؛ الذي خطب في جيشه خطبا نارية يستحثهم على الصبر وجهاد الظلمة، واستبسل هو وجيشه وأبدوا صنوفا من  الاستبسال والشجاعة،  وقدموا  أروع ضروب التضحية  والفداء، وبذلوا أرواحهم فداء لإعلاء كلمة الله، ودارت عجلة الهمجية فقطعوا رؤوسهم ومثلوا بجثثهم، وصلبوهم كما هي عادتهم. ( 130 ـ 170 )
ثم يعود شيخنا إلى كتب التاريخ القديم والحديث يستعرض رأي العلماء المنصفين الذين دافعوا عن ثورة طالب الحق وخطيبه المفوه أبي حمزة، ويسجل رؤية شهداء القسط، ثم يتحول إلى وجهة نظر المغرضين الذين حطوا من شأن  الثورة.  إلا أن شيخنا يتصدى لهذه المقولات البائسة التي عادة ما يفرضها المنتصر بالباطل ويشيعها بين الناس، ويستخدم أسلوب الحوار ويعول على القرآن والسنة في دحض رؤيتهم الخبيثة، التي تؤكد على وجوب البراءة من مرتكب الكبيرة. (173ـ 223 )
ثم ينتقل إلى شرح سمات المدرسة الإباضية التي خرّجت طالب الحق وقائده المغوار، وأثرها في الفكر الإسلامي؛ وكيف أنها أخذت على عاتقها إحياء ما أميت من الحق ، وإماتة ما أحيي من الباطل، وجهودها من أجل إعادة حكم الشورى، وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، وبالجملة إقامة شرع الله حكما عادلا بين الأمة. ويستشهد باقتباسات مسهبة  لوجهة نظر طائفة من  علماء  المشرق و المغرب. ثم يعود  إلى تراث المدرسة الإباضية، يقدم نماذج حية وصورا مثالية  وأمثلة واقعية من الحكام العدول والأئمة الأبرار، قامت في دنيا الناس بأمانة الحكم خير قيام، وضربوا أروع الأمثال في العدل والإنصاف  وسلامة الفكر واستقامة المنهج ، و يقتدون بسلوك الرسول  صلى الله عليه وسلم ويهتدون بأقواله وتقريراته، ويطبقون منهجه في وقائع الحياة ؛ ويعرض عشرات من هؤلاء الأئمة ؛ بداية من الإمام الجلندى بن مسعود، وانتهاء بالإمام محمد بن عبد الله الخليلي، مرورا بالأئمة الرستميين و الصلت بن مالك، وناصر بن مرشد اليعربي، وعزان بن قيس البوسعيدي، ويشير إلى مبايعتهم بيعة شرعية من أهل الحل والعقد ثم توافد جماهير المؤمنين على المبايعة، وسيرتهم العادلة في الرعية ويذكر أمثلة واقعية من مواقفهم الإيمانية، وتعاملهم الحضاري مع رعيتهم، وعدم تميزهم عن سائر أفراد المجتمع وورعهم الشديد وتشددهم في تطبيق مفردات الشريعة، فتشعر أنك أمام مثالية الإسلام، ومبادئه النقية، وبعده الحضاري. (239ـ 277 ).
و يتوقف  أمام ظاهرة أخرى إيجابية  للمدرسة الإباضية، يشرحها باستفاضة وهي اعتدال المدرسة ؛ في مفاهيمها ومنهجها وسلوكها، وبعدها عن الغلو والتطرف، وتجافيها عن التعصب، ومن هذا المنطلق يعرج إلى شرح دورها في محاربة الفكر المتطرف الذي تجلى في سلوكيات الأزارقة والنجدات والصفرية، وتجاوزهم حدود الله، وقصور فهمهم للنصوص الدينية، وكان مردود ذلك ما أحدثوه من رعب بين أركان المجتمع، واستحلال دماء وأموال المخالفين لهم واستعراضهم بالسيف، ويذكر أمثلة عديدة، للحوارات المسهبة التي دارت بين أئمة الإباضية وزعماء الخوارج، لشرح  حقيقة الدين والمنهج السوي، وتبيان انحرافهم عن أصول الإسلام.
ولا يترك شيخنا هذه القضية دون أن يعقب عليها، بكلمة إنصاف فيذكرنا بأن المقدمات الخاطئة تعطينا نتائج  خاطئة، ومن ثم علينا أن ننظر للظروف السياسية والفكرية التي أدت إلى ظهور هذا الفكر المتطرف، ويرجع سبب ذلك إلى ما قاسوه من ظلم الأمويين وعسفهم، وسياسة ولاتهم العنيفة القاسية التي تأخذ بالظنة، ولا شك أن العنف لا يولد إلا  العنف. (ص 278 ــ 289 )
إلا أن شيخنا دخل في حوار طويل مع أنصار الوهابية بسبب هجومهم العنيف على المدرسة الإباضية، والرد على اتهاماتهم، ودفع شبهاتهم وإزاحة الستار عنها، متتبعا هذه الافتراءات، والرد عليها من خلال الاستشهاد بالقرآن والسنة وأقوال الصحابة والتابعين، وتوظيف الدليل العقلي.(ص289  ـ 322 ). بعد هذا الاستطراد، يعود المؤلف تحت عنوان «عود على بدء  «إلى واقع الثورات  العربية، ويناقش ما صاحبها من فتاوى منحرفة ، وأقوال مهزومة ومأزومة، وآراء مجحفة في حق الشعوب، وقد أراد أصحابها الانتصار «للفئة الباغية «من الحكام، وتبرير ظلمهم، والانحياز الكامل لمعسكرهم، والاصطفاف معهم. ويضرب مثالا على ذلك بالفتوى التي أصدرها الشيخ محمود لطفي عامر رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية، تؤيد بحماس  ترشيح «ابن أمير المؤمنين حسني مبارك  « لوراثة الجمهورية، وعاد يغترف من الجانب المظلم في تأريخ المسلمين فاستشهد بما قام به معاوية، ثم مضى ينتقد المعارضين للتوريث وقال «:إن ورّث مبارك ابنه فقد ورث من هو خير منه قبل ذلك، وهو معاوية كاتب الوحي.  « ( 323 ). ويرد عليه شيخنا بالدليل النقلي والحجة العقلية ويفند أقواله تفنيدا يقبله العقل السليم وتستريح له النفس السوية، ويلمس نقطة غاية في الأهمية، في سياق رده على أصحاب الفتاوى المعلبة والجاهزة للتصدير في كل زمان ومكان ؛ أنهم هيأوا نفوس الجماهير لقبول الضيم، ومهدوا خواطرهم للاستكانة للاستبداد وشوشوا مفاهيمهم، وأحدثوا أعظم الاضطراب في معاييرهم، وقاموا بما قام به كهنة الفراعنة، حتى أصبحت  نفوسهم  قابلة للظلم مستعدة لتحمل القهر، حتى لو جلد ظهره وأخذ ماله. ويرى أن هذه المفاهيم المغلوطة  من  بقايا الإرث الأموي، لكن العجب كل العجب، حينما ولت دولة بني أمية وأدبرت وسقطت بعد هزيمة مروان بن محمد وقتله، ومجيء العباسيين الذين ساروا على نفس نهج الأمويين، يعود هذا النفر الذين مدحوا الأمويين، يسارعون في مدح العباسيين ويذموا أفعال الأمويين مرة أخرى ويبالغون في إظهار عوار سلوكهم وينشرون  مثالبهم، ويتعقب شيخنا مقولات المؤرخين التي ذموا فيها بني أمية تقربا وتزلفا للعباسيين، وألصقوا بهم تهما عظيمة حتى نسبوهم إلى الشرك والكفر وأخرجوهم من ملة الإسلام، ويستشهدون  بأحاديث منسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم يلعن فيها بني أمية  قاطبة، وينقل نصوصا خطيرة من تأريخ الطبري (310هـ) تخرجهم من دائرة الإسلام، ويكذب كل ذلك، ويسفه وجهة نظرهم، ويؤكد أن كل هذا مدسوس ومفترى على بني أمية من أعدائهم.
وهذا لم يمنع شيخنا أن يتعرض لمظالم العباسيين، واستئثارهم بالسلطة، وإضفاء صفة القداسة على حكمهم، والادعاء بأن  الحاكم ظل الله في الأرض،  وحياة الترف والبذخ  والخمر  التي عاشوا فيها، ومطاردتهم للأمويين وتقتيلهم وإخراجهم من قبورهم وضربهم بالسياط وحرقهم، وكلها أفعال منافية لأبسط قواعد الأخلاق، كذلك لم يتورعوا عن تتبع مظان العلويين وقتلهم شر قتلة ؛ ولم يكونوا بأولاد عمومتهم أرحم من الأمويين، حتى قال شاعرهم:
فليت جور بني مروان دام لنا            وليت عدل  بني العباس في النار
ويخلص من هذا النقد إلى تقرير حقيقة تأريخية، وصفة نفسية، لازمت كثيرا من المؤرخين وأصحاب الفتاوى الجاهزة، إذ يولون ظهورهم لدولة المهزوم، وشمسها الغاربة، ويستقبلون بوجوههم وقلوبهم ووجدانهم دولة المنتصر ويدورون في فلكها الجديد ؛ يقول:»إنهم لا يبقون على وجهة سياسية واحدة، وإنما يتقلبون سلبا وإيجابا بحسب ما تتجه الأحداث من إقبال على أحد أو إدبار عنه، فلا يلبثون أن يتحولوا من عداوة من يعادون وسبابه، إلى ولايته وإطرائه إذا دالت له الأيام وأقبلت عليه الدنيا.» ( ص 334 )
ــ قبل الختام، يقف شيخنا في محطات سريعة وقفة تأملية، كأنها مناجاة نفسية،  بينه وبين نفسه المتألمة من أوضاع عالمنا الإسلامي، ومشفقة على واقعه المر ويستعرض ذلك في النقاط الآتية.
1ـ إن انقلاب موازيين الأمة حوّلَ المصائب إلى أمجاد، والأقزام إلى عمالقة.
2ـ العلاقة العضوية بين الترف والتلف، والاستبداد والخراب. وتحذير القرآن من الركون إلى مباهج الدنيا ونسيان الآخرة بنعيمها وعذابها.
3 ـ انقلاب المعايير في واقع الأمة، أدى إلى إعجاب بعض أفراد الأمة بترف المترفين  والمستكبرين الذين تطاولوا على الله وادعوا أنهم أرباب من دونه، ونسوا تعاليم القرآن ووعيده للمتكبرين  والمفسدين والجبارين. ويضرب مثالا على ذلك بمدح أحمد شوقي (ت 1931 ) للفراعنة، وثنائه عليهم ووصفهم بأفضل الأوصاف وأجمل النعوت، يصل إلى درجة التأليه، ويستنكر هذا المديح بشدة، ويتعجب من  هذا الثناء  للجبابرة  الذي لم يلتفت إليه أحد من رجال الفكر، ويعتقد أن هذا المديح  يغترف من  تراث بني أمية.ويأمل شيخنا من قادة الفكر، أن يعودوا إلى المنهج الأصيل منهج القرآن والسنة، والاغتراف من  هذا  النبع الصافي، ويسلكوا مسلك الخلافة الراشدة، ويقودوا الأمة إلى بر الإيمان والأمان.
5 ـ  أما الوقفة الأخيرة فمع عبد الرحمن الكواكبي (ت 1902 ) أحد زعماء الإصلاح، أهمتُه أمور أمته، ونظر في أسباب تخلفها والتي أدت  إلى تخلفها عن ركب الحضارة، وحاول أن يشخص أمراضها، وقد لخصها في العناصر الآتية. الاستبداد  وهو ؛ «صفة للحكومة المطلقة العنان، التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء، بلا خشية حساب ولا عقاب «ثم يسهب في الأضرار الناتجة عن الحكم المستبد. ــ الفتور العام الذي اتصف به المسلمون، ويقصد به ضعف الهمة، وانخفاض مستوى الطموح. واللا مبالاة في العمل. ــ سيطرة فكرة الجبرية على عقول المسلمين واعتقادهم أن الإنسان بلا إرادة وأنه مسير مثل الريشة.
ــ إهمال مبدأ الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ــ علماء السلطة، الذين يكتمون الحق ويبررون تصرفات الحاكم.(335 ـ 350 )

الخميس، 5 ديسمبر 2013

كتاب الاستبداد مظاهره ومواجهته «2»


كتاب الاستبداد مظاهره ومواجهته «2»

د: محمد عبدالرحيم الزيني -
أستاذ الفلسفة الإسلامية -
يواصل الدكتور: محمد عبدالرحيم الزيني أستاذ الفلسفة الإسلامية  عرضه لـكتاب سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العالم للسلطنة (الاستبداد مظاهره ومواجهته)  قائلا: ويتابع شيخنا الخليلي شرح خصائص حكم معاوية، الذي قام على الأثرة وتفضيل الأسرة الأموية على باقي الطبقات الاجتماعية، ويناقش آراء العلماء بإسهاب حول  حديث الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ لعمار «: تقتلك الفئة الباغية « ويسجل وجهة نظر عشرات العلماء صحة الحديث، كي يخلص في نهاية عرضه أن الإمام الشرعي هو عليّ بن أبي طالب، وأن معاوية تمرد عليه.
ثم يتعرض لدور معاوية في تشويه صورة الإمام عليّ من خلال لعنه على المنابر، وحمل المسلمين عنوة على ذلك وقيام عمال الدولة الأموية وخدام النظام بقتل كل من يعارض ذلك ويأبى لعن الإمام ويورد أمثلة عديدة تند عن الحصر للقتلى الذين ضحوا بحياتهم في سبيل التمسك بالإسلام وعدم الطعن في الإمام الشرعي، ومن المعلوم أن مسألة لعن الإمام علي ظلت طوال عهد الأمويين سواء في الفترة السفيانية أو الفترة المروانية  ( 40 ـ 132 هـ) باستثناء فترة عمر بن عبدالعزيز  التي لم تتجاوز العامين (99 ـ 101 هـ).
ولا شك أن هذه الفعلة الشنعاء وتعد من الأخطاء  الأخلاقية الجسيمة التي تضاف إلى سلبيات الأمويين.
ويشير شيخنا إلى موقف ابن تيمية (728هـ) الذي يسوي فيه بين موقف الإمام علي الذي كان يقاتل امتثالا لأمر الله، وحديث الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ عن الفئة الباغية، ومعاوية الذي خرج عليه وكان يقاتل من أجل العلو في الأرض والمصالح الدنيوية. ولم يكتف معاوية بانحرافه عن النهج السوي، بل زاد الطين بلة، أن قرر تولية يزيد خلافة المسلمين.
ثم مضى في خطته واستخلف ابنه وحمل المسلمين بالترغيب والترهيب على مبايعته بقوة السيف وذهب المعز، وقام ولاته في الأمصار بتسخير المساجد ومعهم بعض علماء الدين لأخذ البيعة له، على الرغم من معارضة كبار الصحابة. وفي الوقت نفسه تحسين صورته، أمام الرأي العام، وقد اتسمت ولايته بسفك دماء المسلمين وزهرة شبابهم، فأولا لم يوافق الحسين بن علي  أن يبايع يزيدا فأرسل له جيشا جرارا بقيادة زياد بن أبيه فقتل زهرة شباب الأمة وريحانة الرسول، وثانيا عندما عارض كبار الصحابة في المدينة ورفضوا مبايعته أرسل لهم مسلم بن عقبة بجيش جرار فدمر المدينة على رؤوس من فيها وقتل كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار في موقعة «الحرة وثالثا: تقدم  مسلم بن عقبة لقتال  عبدالله بن الزبير الذي رفض المبايعة وثار ثورة عنيفة في مكة وأسس له دولة مستقلة، إلا أن الموت طواه في الطريق ورحم الله المسلمين من جبروته، ثم توالت الأخبار عن موت يزيد نفسه فلم يقتحم الجيش مكة.
ويجمل الحسن البصري ( 110هـ) أهم المساوئ التي اقترفها معاوية، فيقول ـ أخذ الخلافة بالسيف من غير مشاورة، وفي الناس بقايا الصحابة وذوو الفضيلة.
وبهلاك يزيد، لم يتوان شيوخ البيت الأموي من الانقضاض على الحكم بعد أن ظهر لهم منافس قوي في شخص عبدالله بن الزبير، فوثب مروان بن الحكم على الحكم، وبعد سلسلة من الحروب الشرسة وسفك دماء المسلمين، وتدمير مبادئ الإسلام، وطد الحكم لابنه عبدالملك، الذي يعد المؤسس الحقيقي للدولة الأموية. وقد مضى في سياسة العنف والقوة وقمع المعارضين بشراسة تنبو عن مبادئ الأخلاق، وشرح منهجه الجديد من خلال خطبة عنيفة تفوق خطب زياد بن أبيه والحجاج، وشرح أبعاد سياسته؛ بقوله: إنه ليس بالخليفة الضعيف، ولا بالخليفة المداهن، ولا الخليفة المأفون، وأنه سيداوي جراح الأمة بالسيف، وإذا أمره أحد بتقوى الله فسيضرب عنقه.
وتطبيقا لهذا المنهج  العدواني  عين الحجاج (  ت93هـ) واليا على بلاد الحجاز ثم العراق فأثار الرعب والذعر في النفوس، فوطد له أركان الدولة، وشتت شمل الثائرين عليه من الإباضية والخوارج ومن يفكرـ حتى التفكير ـ في التمرد على سلطته، وقمع الخارجين على حكمه بالحديد والنار، وسفك دماء المسلمين الأبرياء الأتقياء، حتى زعم المسلمون؛ أن الحجاج بلاء صبه الله على أهل العراق.
وحينما تولى الخلافة عمر بن عبدالعزيز، والذي عد بشهادة جميع المؤرخين؛ خامس الخلفاء الراشدين، نشر العدل، ورفع الظلم عن  الموالي، وأسقط الجزية عنهم بعد أن دخلوا  الإسلام، وأنصف أهل البيت وأوقف سب الإمام علي بن أبي طالب  على المنابر،  وضمد جراح المسلمين جراء العديد من المظالم التي لحقت  بهم في عهد أسلافه، وأعاد الخلافة إلى سيرتها العطرة الأولى.(ص 16 : 75) ولعل عبارة ابن طباطبا تصور سمات الدولتين أحسن تصوير وأبلغه، فيقول :»أما خلافة الأربعة الأول فإنها كانت أشبه بالرتب الدينية من الرتب الدنيوية أو هي بالنبوات والأمور الأخروية أشبه في جميع الأشياء، كان أحدهم يلبس الثوب من الكرباس الغليظ، وفي رجله نعلان  من ليف، وحمائل سيفه من ليف، ويمشي في الأسواق كبعض الرعية، وإذا كلم أدنى الرعية أسمعه أغلظ من كلامه، وكانوا يعدون هذا من الدين الذي بعث به النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ؛ أما خلافة بني أمية فكانت قد عظمت وتفخم أمرها وعرضت مملكتها ولكن طاعتهم لم تكن كطاعة هؤلاء. ثم ينتقل المؤلف إلى عرض فتاوى بعض العلماء الذين يتدثرون بثوب العلم  والحكمة، وتأييدهم جور الحكام الظالمين وتسويغهم الفساد، إذ أحضر يزيد بن عبدالملك، أربعين شيخا شهدوا له ما على الخلفاء حساب ولا عقاب. ويناقش هذه الفرية مناقشة طويلة، ويدحضها بالدليل النقلي والعقلي، وبشهادة جمهرة واسعة من العلماء، ومنهم ابن تيمية. ومن المعلوم تاريخيا أن الدولة الأموية ساعدت على نشر فكرة الخبرية التي تقرر أن الإنسان ريشة في مهب الريح ليس له إرادة ولا سلطان على أفعاله، وأن ما وقع لا فكاك منه، وأن استيلاءهم على السلطة بقدر من الله ولا أحد يستطيع أن يغير قدر الله، علاوة على ترويجهم مسألة الإرجاء، ووظفت هذه الأفكار المنحرفة لتثبيت أركان الدولة وإطالة عمرها وتثبيط همم الثائرين عليهم. وقد أفضت هذه الفتاوى  البرجماتية، إلى نتائج مأساوية في تاريخ الفكر العقدي  الإسلامي، وقد أجملها شيخنا الجليل  في الآتي:
أ ــ إضفاء الشرعية على السلطة الحاكمة المأخوذة عنوة، وبحد السيف.
ب ــ تجريم الثورة عليهم وتحريم التمرد على سياستهم  ودفع ظلمهم وأخذ الحق منهم، معولين على قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). ويناقش هذه القضية مناقشة مستفيضة مع الاستشهاد برأي العلماء القدامى والمعاصرين كي يبرهن أنهم بسياستهم  المستبدة لم يكن لهم طاعة ولا بيعة عند المسلمين.
ج ــ رد الروايات الصحيحة التي تتعارض مع سياستهم ومنهجهم.
د ـ إسقاط حرمات دماء المسلمين في سبيل تثبيت أركان سلطتهم وتعزيز حكمهم. هـ ـ إباحة الكثير من المحرمات لذوي السلطة وقد  نهى عنها الشرع نهيا جازما، وقد أشار إلى لبس الذهب واستخدام الحرير والحياة الرغدة.. (87 ـ 129 )

وقفة – كتاب الاستبداد مظاهره ومواجهته (1)


د: محمد عبدالرحيم الزيني – أستاذ الفلسفة الإسلامية بمعهد العلوم الشرعية -
صدر مؤخرا  كتاب الاستبداد لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، وقد استقبلته الأوساط العلمية بالقبول والتقدير والثناء، وقرظه جمهرة من المفكرين، إذ يتناول قضايا حيوية مصيرية مطروحة للنقاش منذ مطلع اليقظة العربية  في القرن الثامن عشر على يد رفاعة الطهطاوي «ت 1873»، وجمال الدين الأفغاني « ت 1897» وقيام كثير من قادة الفكر وزعماء الإصلاح ورواد الوعي الإسلامي بتناول هذه القضية  بالدراسة والتحليل والنقاش، علاوة على أن هذه القضية لها جذور عميقة تمتد إلى أعماق التراث الإنساني في الفلسفة اليونانية عند أفلاطون ( 374 ق. م )، وأرسطو ( 322ق .م)،وكذلك الفكر الإسلامي، عند الفرق الإسلامية التي تناولته تحت مبحث «قضية الإمامة  «أي رئاسة الدنيا والدين، وكان للشيعة والإباضية والمعتزلة والأشعرية مساهمات عميقة ورؤى متباينة،تعددت حسب منطلقات كل فرقة،ومرجعيتها العلمية وموقفها من الصراع السياسي،علاوة على المساهمات الثرية التي طرحها علماء الفقه السياسي مثل أبي الحسن الماوردي (440هـ) في كتابه الأحكام السلطانية .
صدر كتاب شيخنا يبحر في هذه البحار العاصفة، يعود إلى كتب التراث يستجلي مضامينها،ويعاود القراءة في كتب المعاصرين للتعرف على وجهة نظرهم في «قضية الاستبداد «؛ما الدوافع إليه، ولماذا يجنح الحكام إليه، وما مظاهره وعلاماته ؟ وأين نجد محطاته في تأريخ الدولة العربية الإسلامية ؟ وما موقف العلماء القدامى منه وكذلك المعاصرون؟ وما السبيل إلى مواجهته وصده والدفاع عن كرامة الشعوب في مواجهة المظالم التي سحقت عظامهم، وأفضت إلى تأخر الحضارة الإسلامية عن ركب الحضارات؟ ويدلي بدلوه باحثا عن الحقيقة طالبا شواهد الحق والإنصاف. ويجمل بنا أن نلقي نظرة شاملة على محتويات الكتاب،ثم نسجل بعض الانطباعات التي خرجنا بها  .
أولا :  محتويات الكتاب :
يتكون الكتاب من مقدمة وقسمين كبيرين؛ وهما واسطة العقد والعمود الفقري للكتاب، وخاتمة،علاوة على المراجع .
1 ـ المقدمة :
يطرح شيخنا خلاصة رؤيته فيما أطلق عليه  «الربيع العربي « أي الثورات العربية التي تفجرت على الأرض العربية بقيادة الجماهير الواعية التي عبرت عن سخطها في مواجهة الظلم الذي حاق بها والاستبداد الذي كدر حياتها وعبرت عن أملها في العيش الكريم في أجواء العدل والحرية وأظهرت بلا جدال جوعها العاطفي للحرية بكل معانيها؛ حرية الاعتقاد والعمل، وحرية القول والتعبير عن الرأي والإعلان  عنه .
ويتعجب عجبا شديدا من  ظاهرة الفتاوى  الجاهزة التي سارع بعض علماء الدين بإعلانها دون تدبر أو تفكر، وأطلقوها دون بصيرة من كتاب ولا اهتداء بسنة، والتي سفهت خروج الجماهير على حكامها، وتحرم عليهم حتى الاحتجاج السلمي  والتعبير عن رأيهم وإظهار تململهم من المظالم التي هوت على أُم رؤوسهم، وفي الوقت نفسه سوغت القهر وبررت الاستبداد، والأعجب من ذلك أن هؤلاء النفر هم الذين أزروا بالفرق الإسلامية التي ناوأت الظلمة قديما، وكالوا لهم الذم كيلا، وحطوا من شأن ثوار التأريخ الذين ثاروا على الحكام المستبدين وبخاصة في  العهود التي تلت الخلافة الراشدة .
ومع هذا فإن الثورات العربية لم تعدم جمهرة من العلماء الورعين الذين لم يخشوا في الله لومة لائم وعضدوا الجماهير، وساندوهم بفتاواهم وناصروهم في مطالبهم لأن حقيقة الإسلام هي احترام إنسانية الإنسان .( ص 5: 8 )
2 ـ القسم الأول : مظاهر الاستبداد .
عاد شيخنا إلى صفحات التأريخ القديم،ينظر في أحوال الأمم القديمة، يتابع ظاهرة الاستبداد في المجتمعات القديمة، ويرصد علامات الظلم  ونزوات المتكبرين واستعلاء الفراعنة وطغيان الأباطرة، لكن الأنكى من ذلك هو قيام  الكهنة والقيادات الدينية في تلك الحضارات بترويج المظالم وتبرير أفعالهم، ودعوة الشعوب إلى قبول أفعال ملوكهم وتصرفاتهم مهما كان من نشوزها وخروجها عن حدود منطق العقل، وطبيعة الفطرة الإنسانية  السليمة؛ ويشير إلى ثلاثة نماذج من الظلم القاهر والاستبداد الممجوج، وصل إلى درجة ادعاء الألوهية في الحضارات القديمة، وهم، الفراعنة، والرومان و الفرس .(9: 15 )
ــ وبمجيء الإسلام وشروق أنواره على العالم أجمع، وتجلي أخلاقه السامية في سلوك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ هدم كل هذه الأفكار الخاطئة والمفاهيم المرذولة، والمناهج المنحرفة، وأزال كم الخرافات التي عشعشت في عقول البشر عن الانصياع للحكام الآلهة، جاءت تعاليم الإسلام ومبادئه القويمة تعلي من شأن الإنسان أينما كان، وحيثما حل، وأن الجميع من آدم ؛ وآدم من تراب ولا تفاضل بين الناس أمام الله إلا بالتقوى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، وضع الإسلام مبادئ  الشورى وأثنى على المسلمين بأن أمرهم شورى بينهم،حيث يتم تمحيص الفكرة وتقليبها على وجوهها واستخلاص زبدتها، نظرا لأهمية العقل الجمعي وقدرته على الوصول إلى الحلول السليمة والأفكار المبتكرة والرأي السديد، ومن جهة ثالثة، وضع شروطا محددة «للعقد الاجتماعي» بين الحاكم والمحكوم ؛ «وعلى كلا الطرفين الالتزام بما تحمله، والخضوع والانقياد للشرع من غير أن يتطاول الحاكم على المحكوم، أو يذل المحكوم للحاكم، وعلى كل من يتولى الحكم أن ينصف الجميع» (ص 16 ) وكل إنسان عليه معرفة واجباته تجاه الآخر حتى تمخر سفينة الحكم في بحر الإيمان  والسلام.  ويضرب شيخنا نماذج مشرفة ومتفردة من دولة الرسول صلى الله عليه وسلم، في تطبيق قواعد الإسلام ومبادئه القويمة فضلا عن أن حياته كانت نموذجا للإنسان الأعلى، وتطبيقا حيا لكمال الأخلاق، وكان قرآنا يمشي على الأرض؛ فحرر الإنسان من أغلال الجاهلية ونير الاستعباد وجور سادة قريش، وبالجملة أقام أركان دولة العدل الاجتماعي وأرسى قواعد الحكم  الشوري. وهكذا سار الخلفاء الراشدون على النهج المستقيم من بعده، إذ كانوا حريصين أشد الحرص على الاقتداء بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وتطبيق مبادئ الإسلام في كافة نواحيه لاسيما فيما يتعلق بالجانب السياسي والعدل الاجتماعي والمحافظة على كرامة الإنسان، كما وردت في مقررات الإسلام .
ولكن هذه الصفحة الباهرة من تاريخ دولة الإسلام طويت باعتلاء معاوية سدة الحكم،وانتزاعه الخلافة من الإمام علي، بالحرب المسلحة ووسائل الخداع الماكرة .
،ثم عمد إلى الاستئثار بالحكم والاستحواذ على المال، وسيطر على مفاصل  الدولة، وسار سيرة مغايرة تماما لمنهج الخلفاء الراشدين؛ فحول الخلافة من نظام الشورى إلى نظام استبدادي  وملك عضوض، وقد تناقلت أدبيات الكتب العربية خطبه المتكررة وكلها تؤكد سلطانه على المسلمين يقول: «ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا ولا لتزكوا وقد عرفت أنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون  «.

السبت، 24 أغسطس 2013

من قواعد البغض عند بعض المسلمين

مقالي المنشور بمجلة فضاء الفكر
20 أغسطس 2013 


من قواعد البغض عند بعض المسلمين 

  ينشأ المرء منا في بلادنا عمان، وربما في غير عمان، في بيئة متعايشة، لا تفرقها الأفكار، ولا تعكر صفوها الأكدار، بيئة لها يد واحدة تعمل على ما اتفقت عليه، ويعذر بعضها البعض فيما اختلفت فيه، رغم اختلاف المذاهب، وتنوع المشارب، إلا أن الجميع يحبون بعضهم بعضا، يلقى الأخ أخاه بوجه بشوش، ونفس مرحة، وروح لطيفة. لكن العجب العجاب أن بعضا من هؤلاء المجتمع، حينما يكبر ويقرأ عن مذهبه يجد ما ينفره من أخيه،  ولو كان شيئا قليلا، ففي الكتب المذهبية -للأسف-  قواعد بغض كتبها بعض المسلمين، من شأنها أن تفرق بين الجماعة، قواعد بغض ما أنزل الله بها من سلطان، فمثلا تجد في الكتب : احذر من فلان فإن مذهبه كذا، وأهل مذهبه يسبونا فلانا، ولا تقرأ لكتبهم وابتعد عنها، وتبرأ منهم لفعلهم كذا ... حينها يتغير المرء عن ما كان عليه، ولربما أحبَّ أنه لو لم يقرأ على هذا الكلام، الذي يجعل حبيبه شانئا له، اتهام وزور وقمع فكري بعدم القراءة، بل والبراءة منهم لأجل ماذا؟ لأجل أمور اجتهادية لا تتصل بالأمور الكلية قوةً. فالأولى أن نترك هذه النقاط، نترك نقاط الاختلاف، ولنبحث عن نقاط الائتلاف، نرتقي بما اتفقنا عليه، فالصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريضة) فمنهم من صلاها في الطريق، وفهم أن النبي عليه السلام كان يقصد الإسراع والجد في السير إلى بني قريضة، بينما الفريق الآخر لم يصل العصر إلا في بني قريضة ولو وصل بعد العشاء، وحين انتهوا من مهمتهم ناقشوا الأمر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأقر النبي عليه وسلم الجميع؛ لأنهم تعاونوا فيما ذهبوا إليه وهو هدفهم الرئيسي، الجد في السير، فلو لم يصلوا بجدية وتنازعوا في أمر الصلاة لعاتبهم النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن إذا جئنا إلى القرآن الكريم نجد أن هذه القاعدة لا محل لها من كتاب الله، فحبي وبغضي لأخي لا ينحصر في أنه يوافقني أو يخالفني، إنما ينحصر في العمل الصالح، فما دام يعمل صالحا فواجب أن أحبه، وإذا كان خلاف ذلك فواجب أن أنصحه وإلا أبغضه في الله وبراءتي منه، فالله جعل أساس دخول الجنة هو العمل الصالح، وليس بسبب مذهبه، فقال الله تعالى: ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الزخرف|72  وقال جل شأنه : ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُأُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ   ( الأعراف|43 ولم يقل : بما كنتم تعتقدون أو تتمذهبون بمذهب ديني أو فكري، فالأساس هو العمل الصالح، ما دام المرء يعمل صالحا، فلا يهمني أمر مذهبه أو فكره، هذا الأساس هو الذي يجمعنا ويلملم شتاتنا ويوحد رايتنا، وبه نقود البشرية جمعاء إلى بر الأمان، والخير والاطمئنان . 

إسماعيل بن سعيد المحاربي
http://www.thought-space.3abber.com/post/179250

الأحد، 12 مايو 2013

مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُوْدِ


بســـــــــــم الله 



حينما سطعت شمس هذا اليوم
1992/5/12م
خرجتُ من العدم إلى الوجود
كل الشكر لربي الذي أبقاني حيا
في بطن أمي تسعة أشعر
ثم أخرجني إلى الوجود بدون أذى
(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)




وعظيم الشكر والامتنان لأمي الحبيبة
التي حملتني في بطنها فترة ليست بالقصيرة
تألمت من أجلي فازدادت حنانا 
مهما فعلت لأجلها فلن أوفيها حقها
أمي الغالية ،أتمنى أن تسامحني 
إن أخطأتُ في حقها 
في حُبك أفنيتُ حياتي لكني لست أكافيك 
يا أمي إن عجز لساني عن شكرك ربي يجزيك 
لو كان البر بأن تطأي خدي فيا حظي فيك
فكم سهرتْ لكي أنام
وكم تعبتْ لكي أرتاح
وكم شقيت لكي أسعد
وكم ظمأتْ لكي أشرب
وكم جاعت لكي أشبع
وكم وكم وكم....الخ






ولا أنسى أبي الغالي أيضا
ترك كل أشغاله من أجلي
وتعب وسعى وجاهد لكي
أعيش في سلام ووئام
لا أزال أتذكر تلك الطفولة
التي عشتها بين أحضان أبي 
بمزاحه الخفيف والثقيل
ونحن نضحك




لا خير فينا إن لم نسعد أبوينا
مثلما أسعدانا ونحن في الصغر
الأب والأم بحاجة إليك أيضا 
كما كنت في حاجة إليها فلا تتركهما
أنت قد لا تقدرون مقدار زيارتكم للأبوين
ولكنهما يعدانها شيئا عظيما دون أن تشعر




وأخيرا نصيحتي:
قال تعالى
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا 
والحديث:
حديث عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله)).




إن لم تدخل الجنة بسبب والديك فبمَ تدخلها؟








بالفعل لا نقدر الآباء إلا حينما نفقدهم








والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته






تراني أستقبل الهدايا
باركوا لي دخولي الحادي والعشرين
دخلت في العقد الثالث

الثلاثاء، 19 مارس 2013

ذلكَ الفتحُ المبينُ

ذلكَ الفتحُ المبينُ






هَللي يا أمُّ دمعًا سكيبا
إنّ نصرَ الإلهِ كانَ قريبا
زغردي فرحةً تشقُّ لفجرٍ
بعدَ ليلٍ أقامَ ظُلمًا دؤوبا
وانشري العدلَ في رباكِ عمانُ
إن فشى العدلُ قد ملكتِ قلوبا
وافسحي للذي يريدُ صلاحًا
في ذُرى الخيِّراتِ رأيًا رقيبا
واتركي القمعَ ليسَ نحنُ بغابٍ
لمْ نَرَهْ للأنام قطُّ مُصيبا
شجّعي المبدعَ الذكيَ سيعلو
كي نرى فنَّهُ الجميلَ عجيبا
أينَ حريةٌ ؟ وقانونُ كبتٍ
يصعقُ الأحرارَ صعقًا وَصيبا
كمِّمُوا الأفواهَ ، لا شيءَ يُجدي
فضميرُ الحقِّ كانَ لبيبا
إن قعطتم أمرَ من يريدُ صلاحًا
سنرى ثورةً ستُحْيي الشبيبا
فهنيئًا لهؤلاءِ الشبابِ
ذلــــكَ الفتـــــحُ المـــبينُ دُروبا







إسماعيل المحاربي
7 جمادى الأولى 1434 هـ
19 مارس 2013 م

الاثنين، 4 مارس 2013

أمسية "العائدون حيث الحلم" تغطية


"العائدون حيث الحلم"


تم بحمد الله مساء الأمس الأحد للموافق الثالث من مارس تدشين كتاب العائدون حيث الحلم لحبيبة الهنائية وذلك بتنظيم أسرة الحارة العمانية المجيدة وبرعاية ابن عمير للأعمال الخيرية وذلك في مقر النادي الثقافي بالقرم حيث بدأت فقرات الإحتفائية المباركة بهذا الكتاب في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً وأختتمت في تمام التاسعة حيث قدم لهذا الأمسية الفاضل سليمان المعمري مستهلاً بالشكر لإدارة الحارة والقائمين عليها على هذه التظاهرة الأدبية الجميلة ومعرجاً للحديث عن الكتاب وسبر ماجاء فيه من مشاهد ومشيراً لكون الكتاب هذا سابقة نوعية في مجال الإعتناء بالجانب الكتابي الإنساني لتلك الفترة من عمر الزمان والتي عايشها العمانيون في زنجبار وبيمبا بعدها ترك المجال للدكتور محمد المحروقي لإلقاء نظرة أخرى معتنياً في نظرته على الأحداث المصاحبة التي عاصرتها الكاتبة ومركزاً على الجوانب العامة في مكان الحدث منذ البداية المتمثلة في ولادة الكاتبة بعد عام من إنقلاب كرومي ومتحدثاً عن العنجهية والوحشية التي امتهنها قائده أوكيلو ومنتهياً بتحقيق ذلك الحلم البسيط في شكله والعظيم في معانيه لكونه يرتبط ببناء حياة جديدة وإرجاع الروح للجسد الذي كان في معاناة وتوشك تلكم الروح أن تغادره وبالتالي فإن تحقيق حلم العودة كان بمثابة تمكين للذات من النظر للحياة بتفائل من خلال طي صفحة مظلمة لأخرى ترتسم بإشراق وأمل كما أن المحروقي كان قد أشار لبعض الجوانب التاريخية وقد شدنا إهتمامه بهذا الجانب وتمكنه منه وهو بحق من الذين سعدنا بالتعرف عليه وقرآءة فكره الجميل المرتبط بالحب للأرض والمكان وشعوره الكبير من خلال إيمانه بأنه صاحب الحق بزنجبار والجزيرة الخضراء لكونه عمانياً يحن لتلك البقعة التي سعى العماني إلى إعمارها وبناء حضارة فيها ويكفي أنهم كانوا أسياد البحر وتجار الأرض وزراعها بالخير والنماء.

ثم قام الشاعر جمال النوفي نيابة عن مؤسسة ابن عمير بالحديث عن مؤسسة ابن عمير وواقعها بين المؤسسات العمانية الخيرية وأعمال المؤسسة.



ثم تلا ذلك الرد على أسئلة الحضور ومداخلاته والتي كشفت مضمون ماكان يختبئ خلف سطور الكتاب ولم تعمد الكاتبة لسرده بالإضافة لإستيضاحات من قرأ الكتاب لبعض ماجاء فيه ......

 

جانب من الحضور:

 

في الختام تم تقديم هدايا تذكارية من الحارة العمانية للمشاركين والداعم لهذه الأمسية ...
****
هدية تذكارية لمؤسسة ابن عمير :


هدية تذكارية للدكتور محمد المحروقي:


هدية تذكارية للكاتب سليمان المعمري:


هدية تذكارية للمؤلفة حبيبة الهنائي:



وفي الختام نشكر كل من ساهم في إنجاح هذه الأمسية حضورا وإدارة وتنظيما ورعاية ،،،


الكاتب :مزاج الحارة
تنسيق :ساكورا كاتسو 
إسماعيل المحاربي
إخراج :نصر المحاربي